بسم الله الرحمن الرحيم
الإعجاز في القرآن - اللون الأخضر
ما أكثر ما يرد لفظ الخضرة في آيات القرآن الكريم و التي تصف حال أهل الجنة أو ما يحيط بهم من النعيم في جو رفيع من البهجة و المتعة و الاطمئنان النفسي ،فنجد في سورة الرحمن : (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) (الرحمن:76)
و قال تعالى : (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً) (الإنسان:21) .
. (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) (الرحمن:54)
يقول أحد علماء النفس و هو أردتشام : " إن تأثير اللون في الإنسان بعيد الغور و قد أجريت تجارب متعددة بينت أن اللون يؤثر في إقدامنا و إحجامنا و يشعر بالحرارة أو البرودة ،و بالسرور أو الكآبة ، بل يؤثر في شخصية الرجل و في نظرته إلى الحياة .
و يسبب تأثير اللون في أعماق النفس الإنسانية فقد أصبحت المستشفيات تستدعي الاختصاصيين لاقتراح لون الجدران الذي يساعد أكثر في شفاء المرضى و كذلك الملابس ذات الألوان المناسبة و قد بينت التجارب أن اللون الأصفر يبعث النشاط في الجهاز العصبي ، أما اللون الأرجواني فيدعو إلى الاستقرار و اللون الأزرق يشعر الإنسان بالبرودة عكس الحمر الذي يشعره بالدفء ووصل العلماء إلى أن اللون الذي يبعث السرور و البهجة و حب الحياة هو اللون الأخضر .
لذلك أصبح اللون المفضل في غرف العمليات الجراحية لثياب الجراحين و الممرضات . ومن الطريف أن نذكر هنا تلك التجربة التي تمت في لندن على جسر ( بلاك فرايار) الذي يعرف بجسر الانتحار لأن اغلب حوادث الانتحار تتم من فوقه حيث تم تغيير لونه الأغبر القاتم إلى اللون الأخضر الجميل مما سبب انخفاض حوادث الانتحار بشكل ملحوظ و اللون الأخضر يريح البصر ذلك لأن الساحة البصرية له أصغر من الساحات البصرية لباقي الألوان كما أن طول موجته وسطي فليست بالطويلة كاللون الأحمر و ليست بالقصيرة كالأزرق . (1)
تغير اللون مع شدة الحرارة
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ )رواه الترمذي 2516و رجاله ثقات
يفصل لنا الحديث كيف يتغير لون الإشعاع مع اشتداد الحرارة من الحمر إلى الأبيض ثم إلى الأسود .
لو أتينا بقطعة حديد ،أو أي شيء آخر ، و سخناه تسخيناً كافياً فإنه يحمر ، فإذا زدنا التسخين و رفعنا حرارته أكثر فإنه يغدوا أبيض سيالاً ، و إذا زدنا التسخين أيضاً و رفعنا حرارته أضعافاً نر الإشعاع أخذ يميل إلى اللون الداكن ثم يتبخر ، و إذا استطعنا أن نحتفظ بالأبخرة في مكان محصور ثم رفعنا حرارتها فإنها تسود ثم تسود . و كلما ارتفعت الحرارة كلما زاد الاسوداد . (2)
العين ومجالها المحدود
(فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ) (38/69 الحاقة )
هناك أشياء كثيرة لا يبصرها الإنسان وإن كانت أمامه ، ذلك لأن إبصار الإنسان محصور بمجال محدد للألوان فهو لا يرى بعد طرفي المجال بعينيه، وطرفي المجال محدود بالبنفسجي والأحمر.
فلإنسان لا يرى اللون فوق البنفسجي ولا تحت الأحمر وما يتلو هذين اللونين من ألوان.
سرعة اهتزاز الألوان بـبليون / ثانية
البنفسجي 750 بليون / ثانية
الأزرق 634 بليون / ثانية
الأخضر 570 بليون / ثانية
الأصفر 520 بليون / ثانية
البرتقالي 500 بليون / ثانية
الأحمر 434 بليون / ثانية
تحت الحمراء 300 بليون / ثانية
( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون )
فهناك ألوان مرئية وأخرى غير مرئية
في شبكية العين عشر طبقات ، في أخراها مئة وأربعون مليون مستقبل للضوء ، ما بين مخروط وعصية ، ويخرج من العين إلى الدماغ عصب بصري ، يحوي خمسمائة ألف ليف عصبي ، ولو درجنا اللون الأخضر ، مثلاًً ، ثمانمئة ألف درجة ، لاستطاعت العين السليمة ، أن تميز بين درجتين ، أليست هذه معجزة !
كتب هارون يحيى
المرجع :
(1) مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق.
(2) الإسلام و الحقائق العلمية تأليف محمود القاسم دار الهجرة بيروت