الخيميائي
قصة خرافية مدهشة ، للكاتب باولو كويلو. وهو كاتب برازيلي ولد في المسكيك
عام 1947م ، وقد جعلت منه رواية الخيميائي من اشهر الكتاب العالميين.
أهم ما يدعو إلى اختيار هذه الرواية لعرضها أنها مستمدة من التراث العربي،
وتستلهم الفلسفة العربية الإسلامية في البحث عن السعادة والمغامرة
والتفاعل مع الحياة والكون وفهم الناموس العام الذي ينظم ويدير الكائنات
والمجرات من أصغرها إلى أعظمها في منظومة موحدة.
و تدور الرواية حول مسألة أن هناك لكل شخص - أسطورة شخصية - وأن الله ييسر
الإشـارات والعلامات للشخص ليحقق أسطورته الشخصية ، فإن غفل عنها أو لم
يكترث بها لن يصل لهذه الأسطورة ، وإن بحث عن أسطورة غيره لن يصل إلى
أسطورته أيضـا ..
وتعرض هذه الروياة مجموعة من العبر والحكم لاحد لهافي اسلوب شيق ومثير
يحملك الى عالم الخيال ويبعث في نفسك الرغبة لتبحث عن اسطورتك الشخصية.
وسأعرض في موضوعي هذا مقتطفات من اجمل ما في هذه الرواية ...اتمنى ان تنال اعجابكم كما حدث معي...
وقبل ان ابدأ في سرد المقتطفات احب ان اذكر الفرق بين الخيمياء والكيمياء
فـ الخيمياء (Alchemy ) هي علم تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن نفيسة ،
وتخضع لمبدأ المبادلة التعادلية اما الكيمياء فهي غنية عن التعريف.
تبدأ مقدمة الرواية بمجموعة من الحكم الرائعة على لسان أحد كبار متصوّفي
الإسلام، وسوف ندعوه هنا حسن، يُحتضَر، عندما سأله تلميذ من تلاميذه:
ـ من كان معلّمك ايها المعلّم؟
أجاب: «بل قل المئات من المعلمين. وإذا كان لي أن أسمّيهم جميعاً، فسوف
يستغرق ذلك شهوراً عديدة، وربما سنوات. وسوف ينتهي بي الأمر إلى نسيان
بعضهم».
ـ «ولكن، ألم يكن لبعضهم تأثير عليك أكبر من تأثير الآخرين؟»
استغرق حسن في التفكير دقيقة كاملة، ثم قال:
«كان هناك ثلاثة في الواقع، تعلّمت منهم أموراً على جانب كبير من الأهمية:
«أولهم كان لصاً. فقد حدث يوماً أنني تُهت في الصحراء، ولم أتمكّن من
الوصول إلى البيت إلا في ساعة متأخرة جداً من الليل. وكنت قد أودعت جاري
مفتاح البيت، ولم أملك الشجاعة لإيقاظه في تلك الساعة. وفي النهاية، صادفت
رجلاً طلبت منه المساعدة، ففتح لي قفل الباب في لمح البصر.
«أثار الأمر إعجابي الشديد، ورجوته أن يعلّمني كيف فعل ذلك. فأخبرني بأنه
يعتاش من سرقة الناس. لكنني كنت شديد الامتنان له، فدعوته إلى المبيت في
منزلي.
«مكث عندي شهراً واحداً. كان يخرج كل ليلة، وهو يقول: سأذهب إلى العمل.
أما أنت، فداوم على التأمّل، وأكثرْ من الصلاة. وكنت دائماً أسأله عندما
يعود، ما إذا كان قد غنم شيئاً. وكان جوابه يتّخذ، على الدوام، منوالاً
واحداً لا يتغير: ’لم أوفّق في اغتنام شيء هذا المساء. لكنني، إذا شاء
الله، سأعاود المحاولة في الغد‘.
«كان رجلاً سعيداً. لم أره يوماً يستسلم لليأس جرّاء عودته صفر اليدين. من
بعدها، وخلال القسم الأكبر من حياتي، عندما كنت أستغرق في التأمل يوماً
بعد يوم، من دون أن يحدث أي شيء، ومن دون أن أحقّق اتّصالي بالله، كنت
أستعيد كلمات ذلك اللص: ’لم أوفّق بشيء هذا المساء، لكنني، إذا شاء الله،
سأعاود المحاولة في الغد‘. كان ذلك يمنحني القوة على المتابعة».
ـ «ومن كان المعلّم الثاني؟»
ـ «كان كلباً. فقد حدث أن كنت متوجّهاً إلى النهر لأشرب قليلاً من الماء،
عندما ظهر هذا الكلب. كان عطشاً أيضاً. لكنه، عندما اقترب من حافة النهر،
شاهد كلباً آخر فيه. ولم يكن هذا غير انعكاس لصورته في الماء.
«دبّ الفزع في الكلب، فتراجع إلى الوراء وراح ينبح. بذل ما بوسعه ليُبعد
الكلب الآخر، ولكن شيئاً من هذا لم يحصل بالطبع. وفي النهاية، قرّر الكلب،
وقد غلبه الظمأ الشديد، أن يواجه الوضع، فألقى بنفسه في النهر. وكان أن
اختفت الصورة هذه المرة».
توقّف حسن قليلاً، ثم تابع:
ـ «أخيراً، كان معلّمي الثالث ولداً. فقد حدث أن رأيته يسير باتجاه
الجامع، حاملاً شمعة بيده، فبادرته بالسؤال: هل أضأت هذه الشمعة بنفسك؟
فردّ علي الصبي بالإيجاب. ولما كان يقلقني أن يلعب الأولاد بالنار، تابعت
بإلحاح: اسمعْ يا صبيّ: في لحظة من اللحظات كانت هذه الشمعة مطفأة.
أتستطيع أن تخبرني من أين جاءت النار التي تشعلها؟
«ضحك الصبي، وأطفأ الشمعة، ثم ردّ يسألني: وأنت يا سيدي، أتستطيع أن تخبرني إلى أين ذهبت النار التي كانت مشتعلة هنا؟
«أدركت حينها كم كنت غبيًّا. من ذا الذي يُشعل نار الحكمة؟ وإلى أين تذهب؟
أدركت أن الإنسان، على مثال تلك الشمعة، يحمل في قلبه النار المقدّسة
للحظات معينة، ولكنه لا يعرف إطلاقاً أين أُشعلت. وبدأت، منذ ذلك الحين،
أسرّ بمشاعري وأفكاري لكلّ ما يحيط بي: للسُحب والأشجار والأنهار
والغابات، للرجال والنساء. كان لي، طوال حياتي، الآلاف من المعلمين. وبتّ
أثق بأن النار سوف تتوهّج عندما أحتاج إليها. كنت تلميذ الحياة، وما زلت
تلميذها....
[glint]اتمنى ان تجدو المتعة والفائدة